نص الشبهة البائسة :
يقول القرآن :
{وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} (30) سورة النازعات
وقد ذكر الكثير من الاسلاميين أن هذه الآية تنطوي على اعجاز علمي كبير وخطير وذلك في تشبيه الأرض بالاُدحِية ( أي بيضة النعامة كما يزعمون !! ) ، ولكن الواقع التاريخي يبين لنا خطأ هذا التصور، فتعبير ( دحا الأرض ) لم ينفرد به القرآن أو يسبق غيره في استعماله، بل كان ربط الأرض بالدحو أمرا معروفا عند العرب قبل عصر محمد ..
يقول زيد بن عمرو بن نفيل في أبيات له :
أسلمت وجهي لمن أسلمت / له الأرض تحمل صخرا ثقالا
دحاها فلما رآها استوت / على الماء أرسى عليها الجبالا
مصدر هذه الأبيات ( سيرة ابن هشام : 1/153)
ومن المعروف أن زيد بن عمرو هذا أدرك شباب محمد ولكنه توفي قبل البعثة النبوية ونزول القرآن ( بالمناسبة : شخصية زيد بن عمرو لعبت دورا كبيرا في بلورة أفكار وتصورات محمد الدينية، وهذا أمر يحتاج الى موضوع مستقل ) وبالتالي فان استخدام زيد لتعبير ( دحا الأرض ) لا يخرج عن أحد أمرين :
1- اما أن فكرة الاعجاز العلمي في القرآن في آية ( والأرض بعد ذلك دحاها ) مجرد تلاعب بالالفاظ وتحميل الكلام ما لا يحتمله أصلا .
2- أو أن زيد بن عمرو هذا كان نبيا معصوما وكلامه السابق وحي الهي نظرا لكونه ينطوي على اعجاز علمي ( وفق منطق الاعجازيين !!!!!! )
أما المعنى الحقيقي واللغوي الصحيح لتعبير ( دحا الأرض ) فهو : بسطها ( القاموس المحيط مادة دحا ) والأرض المبسوطة هي الأرض الممدودة، ومنه جاء " البِساط " أما " الاُدحِية " فهي لا تعني بيضة النعامة كما يزعم الاعجازيون بل تعني ( مَبيِض النعامة ) أي المكان الذي تبيض فيه ، وسمي كذلك لأن النعامة تدحوه برجلها ( أي تبسطه وتوسعه ) فكيف أصبح تعبير ( والأرض بعد ذلك دحاها ) يعني ( جعل الأرض على شكل بيضة ) ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!
الرد الفصل إن شاء الله . .
نقول و بالله التوفيق . .
أولاً / و قبل الرد يسوق الملحدون و النصارى هذا و كأنه دليل على أمرين ( أن القرآن - على رعمهم مأخوذ من أشعار العرب / و أن هذا النص ليس فيه إعجازاً علمياً و إلا لكان زيد نبي ) نقول مستعينين بالله :
1 ) إن رواية هذا البيت عن زيد بن عمرو بن نفيل علمياً كاذبة حتى يثبت سندها , خاصة و أن العرب لم تعرف علم الإسناد قبل النبي صلى الله عليه وسلم , لذا , فإن كل ما لم يأتنا برواية صحيحة عن النبي بهذا الصدد , نقول له هي معلولة , غير قابلة للاستدلال على وجه اليقين , إلا ما بلغ منها حد التواتر , فربما كان قائل هذه الأبيات مسملاً ممن جاء بعد نزول القرآن , و نسبها الزنادقة و الكاذبون إلى زيد , لنفس الغرض الذي من أجله توردون هذه الشبهة , فهاتوا برهانكم أولاً .
أما إن افترضنا جدلاً صحة نسبتها إليه : نقول و بالله التوفيق
2 ) إن أعمى البصر و البصيرة الذي يطعن بطون الكتب ليفعل بها ما فعله النصارى بكتبهم من اقتطاع الكلام , لو أكمل ما نسب لزيد بن عمرو بن نفيل في هذه الرواية لوجده يقول :
وأسلمت وجهي لمن أسلمـتله الأرض تحمل صخرا ثقالا
دحاها، فلما استـوت شدهـا سواء وأرسى عليها الجبـالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمـتله المزن تحمل عذبـا زلالا
إذا هي سبقـت إلـى بلـدة أطاعت فصبت عليها سجـالا
كان يترنم بهذه الأبيات ثم يستقبل البيت ويقول: "لبيك حقا حقا، تعبدا ورقا، البر أرجو لا الخال (الخيلاء)، وهل مهجر (السائر في الهاجرة، أى: الحر) كمن قال (المقيم في القائلة)، ثم ينشد:
عذت بما عاذ به إبراهيم مستقبل الكعبة وهو قائم
إلــــــــــــــــــــى أن يــــــــــقـــــــــــول:
أنفى لـك عـان راغـم مهما تجشمنى فإنى جاشم
هل قرأ العميان بقية الأبيات ؟ ؟ طبعاً لا , أتدرون لماذا ,
لأنها تثبت أن زيد كان على دين إبراهيم ,
كما أنه ثبت عنه لقاؤه بعلماء اليهود و النصارى , فإن قال لي قائل و ماذا في ذلك ؟
أقول له ألم تروا أن رجلاً هذا حاله ليس ببعيد عليه أن يصله علم التوحيد , لأن العرب كانت على ملة إبراهيم و إسماعيل - الذي تحدث بالعربية - فلربما نقلوا ما وصل إليهم على فقر من بقايا معارف الأديان السابقة بلغتهم العربية , خاصة و أننا نعرف أن إبراهيم عليه السلام كان له ( صحف ) , و هذا ليس علماً عندي و لكنه احتمال غير ممتنع , أن يكونهذا من بقية كتاب مضى.
3 ) هل علم هؤلاء أن زيد بن عمرو لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم ولا مرة واحدة , و أنه سمع به بينما كان في الشام , فعرف مما عنده من علم أنه نبي آخر الزمان فعاد كي يدخل في الإسلام , لكنه قتل في طريقه في البلقاء ؟ لكن يبدو أن القوم صور لهم خيالهم الخصب أنهم علموا من اقتباس محمد صلى الله عليه وسلم من كلام زيد ما لم يعلمه هو .
4 ) هل مجرد اتفاق لفظتين , يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم انتحل القرآن , أتحدى أحدهم أن يقول هذه العبارة صراحة وسط عقلاء , لأنه عندئذ سيكون ( مسخرة المجلس ) , فأين ذهبوا ببقية القرآن , و أين ذهبوا بما فيه من إعجاز في اللغة و البلاغة , و في مجال الإخبار بالغيب ( غلبت الروم في أدنى الأرض و هم من بعد غلبهم سيغلبون ) و غلبوا كما قال الله , رغم أنف مزوري مواقع المراحيض التي تلبس الحقائق على السذج من روادها الذين يزورونها لتسكين ما في قلوبهم من صراخ بأن الإسلام حق
أين هم من آيات أخبر الله عز وجل فيه نبيه بأن ( و السماء بنيناها بأييد و إنا لموسعون )ليأت العلم و يثبت أن الكون في تمدد مستمر , أين هم من إخبار القرآن عن البرزخ البحري بين المياه العذبة و المالحة و الذي لم يكتشفه العلماء إلى مما لا يزيد عن 100 عام مضت ( مرج البحرين يلتقيان , بينهما برزخ لا يبغيان ) , أين هم من آيات التكوين الجنيني في القرآن , التي حاول دكـ / ـتورهم المسمى ( كامبل ) أن يحوم حولها على استحياء , فسقطت عليه الصواعق في مناظرة علنية مع الدكتور ذاكر نايل هزم فيها شر هزيمة , و ما تحدث بعدها مرة أخرى , تلك الآيات التي جعلت ( بروفيسور كيث إل مور ) أعظم علماء الأجنة شهرة في العالم - و ليس نكرة من النكرات - و هو العالم الحاصل على جائزة أحسن كتاب يكتبه فرد من الولايات المتحدة الأمريكية يدخل في الإسلام بسبب هذه الآيات بعد تفكير سنوات .
5 ) هل الوليد بن المغيرة , وهو أعلم العرب بالشعر و الكهانة , كما قال عن نفسه و أقرته قريش على ذلك , لم يكتشف , ولم يكتشف القرشيون الفصحاء , ما اكتشقتموه أنتم يا من لا يجيد أحدكم قراءة جملة من ثلاث كلمات إلا و يخطئ في أربعة منها نحوياً , و لو وجدت قريش مثل هذا الافتباس , هل كانت سوف تنتظركم حتى تقدموا لها هذه الخدمة الجليلة , بعد أن أسلم أباؤهم و أبناؤهم و نساؤهم , ثم يعقبون عليكم ( كنت ح اقولهاااااا ) , لم اتهموه بأنه ( ســــــاحر ) ؟ لأن كلامه سحرهم .
6 ) لنفرض أن ( دحها ) هنا ليس معناها كروية الأرض , فالقرآن حمال أوجه , يحتمل بعض آيه أكثر من وجه , فهذا ليس بمطعن لا في الإعجاز - لأن من الإعجاز ما هو قطعي الدلالة - و لا في القرآن , لأنه ليس في هذا اللظ خطأ يذكر .
7 ) أحيلك إلى الكتاب المقدس عندك بعهديه لترى كيف أن ( الأرنب ) يجتر , و شرب الماء وحده مضر , و غيره كثير , و لكنكم تتوهمون القذى في عيون غيركم , و لا ترون الغابات التي في عيونكم .
و الله المستعان