بسم الله رب العالمين، و الحمد لله و الصلاة و السلام على أشرف من أرسل رحمة للعالمين صلى الله عليه و على آله وسلم. أما بعد :
يسن لكل من هم بأمر ذي بال إن لم يدر إن كان الخبر في فعله أن يدعوا و يطلب من الله سبحانه أن يختار له أصلح الأمرين ، فيصلي ركعتين من غير الفريضة ؛ ثم يدعو بعد السلام .
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في الفتح :
قوله ( باب الدعاء عند الاستخارة )
هي استفعال من الخير أو من الخيرة بكسر أوله وفتح ثانيه بوزن العنبة ، اسم من قولك خار الله له ، واستخار الله طلب منه الخيرة ، وخار الله له أعطاه ما هو خير له ، والمراد طلب خير الأمرين لمن احتاج إلى أحدهما .انتهى الفتح ( 18 / 170 ) .
حدثنا أحمد بن يوسف السلمي حدثنا خالد بن مخلد حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي قال سمعت محمد بن المنكدر يحدث عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة كما يعلمنا السورة من القرآن يقول إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم هذا الأمر فيسميه ما كان من شيء خيرا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو خيرا لي في عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي وبارك لي فيه وإن كنت تعلم يقول مثل ما قال في المرة الأولى وإن كان شرا لي فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيثما كان ثم رضني به .
صحيح الكلم الطيب ( 115 ) ، و أخرجه أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجه، انظر صحيح الترغيب والترهيب ( 679 )
قال ابن بطال: في الحديث أنه ينبغي للداعي أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء الإجابة، ولا يقنط من الرحمة فإنه يدعو كريما. وقد قال ابن عيينة : لا يمنعن أحدا الدعاء ما يعلم في نفسه - يعني من التقصير - فإن الله قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس حين قال ( رب أنظرني إلى يوم يبعثون ) وقال الداودي : معنى قوله " ليعزم المسألة " أن يجتهد ويلح ولا يقل إن شئت كالمستثني ، ولكن دعاء البائس الفقير . من الفتح ( 18 / 109 ) .
قال ابن حجر : وتدخل الاستخارة فيما عدا ذلك في الواجب والمستحب المخير وفيما كان منه موسعا وشمل العموم العظيم والحقير فرب حقير يترتب عليه أمر عظيم (ولا ندم من استشار) أي أدار الكلام مع من له تبصرة ونصيحة ، قال الحرالي : والمشورة أن يستخلص من حلاوة الرأي وخالصه من خبايا الصدور كما يشور العسل جانيه وفي بعض الآثار نقحوا عقولكم بالمذاكرة واستعينوا على أموركم بالمشاورة .بتصرف من كتاب فيض القدير ( 5 / 564 ) .
فلابد للمسلم أن يدعوا و يحسن الظن بربه سبحانه وتعالى :
أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك قال ثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما رواه عن ربه : (( أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملا ذكرته في ملا خير منه وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلى ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني ماشيا أتيته مسرعا )) السنن الكبرى للنسائي (7730)
تنبيه : الدعاء بعد الصلاة لا قبلها ، فقوله صلى الله عليه وسلم : (( فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل )) فإن (( ثم )) تفيد الترتيب مع التراخي ، فأفاد ذلك أنه بعد الصلاة .
و الله تعالى أعلى و أعلم .
http://www3.0zz0.com/thumbs/2009/02/26/02/304787497.jpg[img]]